غياب الحس الدعوي في الصحافة
في تصفحي لبعض جرائدنا اليومية ، وتقليبي لها صفحة صفحة أجد إصلاحا أفتقد لبعض الحس الدعوي ، وفي هذا تخوف على المدى البعيد أن تغيب الأهداف الكبرى التي عليها ركاز عالمنا الإسلامي ، بحجة إصلاح أحادي الجانب ، لمصلحة شخصية أو عامة لهدف قصير ..
ولا شك أن الدخول لعالم الاتصال والتقنية فتح نوافذ كبيرة في المشاركة الفعالة في الحديث عن هذا الإصلاح والمطالبة به ، ونحن أمة نحتاج إلى ذلك الإصلاح سواء أكان تربويا أو تعليميا أو اقتصاديا أو سياسيا مع أن الإصلاح السياسي أشبه ما يكون بالإصلاح المخجل ، لكن المهم أن يكون عندنا احتفاظاً ب( الإصلاح الدعوي ) النقي المتخلص من شوائب المصالح العاجلة ..
وعند التمعن في تلك النداءات الإصلاحية تجدها تطالب في حقوق أكثر من أي شيء آخر ..
فهذه جماعة تنادي بحرية التعبير ، وتلك جماعة ترفع راية تشكيل حزب سياسي ، وأخرى تلوح بمطالب بتحسين الأجور ,, وغيرهم على الطريق ,,…وهم جميعا على طرق صحيحة إلا أن نزاعهم يكون لنيل مطلوب ما ، وعلى الجهة الأخرى أن تعطي وتقدم وتتنازل .
أما الداعية الحقيقي فهو يعطي ولا يأخذ ، إنما ديدنه شعار الأنبياء ( ما أسالكم عليه من أجر ) إنه يدعو صغيرا ،وكبيرا ، شريفا ،ووضيعا ،غنيا أو فقيرا ، وفي داخله نار تحترق لحال إخوانه ,,يدعوهم لمصالح أخروية قبل المساس بالأمور الدنيوية .
أما كتابا آخرون فيطالبون بأمور تمس الحياة الدنيوية ، والمعيشية في المقام الأول ، فكأنما خلقوا لذلك فقط ، وهم شيئا فشيئا يبدؤون في النظرة على أن هذا النداء الدعوي إنما هو مسائل شخصية ، يتفطن لها الصغير قبل الكبير ولا حاجة للتكرار ، فتكرار هذا النداء ملل للجمهور القارئ . وما عرفوا أن صلاح سلوك المسلم هو منهج الأنبياء والرسل.
ونعود مرة أخرى :
وعندما ننطر إلى الحس الدعوي المنبثق من الكاتب فإنه حس في الغالب يهدف إلى شريحة كبيرة في المجتمع باختلاف أجناسها وطوائفها وانتماءاتها لكي يجمع اللحمة والقوة لهذا المجتمع المسلم
ولكي يكونوا على ( كنتم خير أمة ) ..
إن الشعور الدعوي يدرأ المفاسد الشبهاتية و الشهوانية عن شباب هذا المجتمع وشيبهم ، ويخلق جوا تربويا يعلم الفرد في أن يرسم أهداف واضحة ، ويحتوي بطالة العقول والأفهام إلى قوة الأجساد والعتاد .
أخيرا / بقي أن أنبه لأمر ..
أن المجال الدعوي خصب رحب الأرجاء حيث أن من يمتلك بعض أدواته يستطيع أن يشارك في ذلك ، أما المجال الإصلاحي فيحتاج إلى أن يكون هناك صناعة نخب ، ومتخصصين يحملوا شهادات خبراتية ودراسية لكي يراقبوا وجوه الخلل في توازن المسيرة الدعوية .