وعي المثقف
في عالمنا المليء بالكتابات الزاخرة ، والأحرف المركبة المرصوصة ، نجد كتابا بحاجة إلى مراجعات فكرية وثقافية ودينية لتواكب كتابتهم مستوى ما يحبه الجمهور ، وإن كنت أرى أن الأختلاف سنة الحياة ، وطبيعتها في مزجها الضدين ، ولكن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فقد قامت معه الحجة.
وفي كتابات المثقفين في الإعلام نجد ثلاثة أصناف :
أولهم : من كان همه للحق وحب الحق وإيصال الحق ،لديه الإخلاص والصدق والحرص على بلوغ الأحسن ، يدفعه إخلاصه أن يضع أحرفه تحت مجهر كبير ليحاول رؤيتها بمنظور جيد من الموضوعية .
ثانيهم : من كان همه الهدم ، وإغراق الناس في الماديات المفرطة ، ولفت الأنظار لأفكاره التي هيئت لتكون سما في قارورة عسل ، ومن تأنى في إخراج كلماته للناس بعد تنميق وتلميع وتبهير لكي لا ينصدم بالانصراف عن أفكاره ، وهذا خطير لمن ليس له دراية بمكنونات حروفه .
ثالثهم : من أحب الإعلام لإعلام الناس عن اسمه وحرفه ، يكتب في كل قضية ووصية ، وتراه في كل مجال فكأنما قد سخر نفسه لمتابعة قضايا الأمة بدينها وثقافتها وسياستها وتجارتها ، فهذا قد ينتج في أسلوبه تحولات قد تضر بشخصه و بمتابعيه .
ولاشك أن مشروعية الترحال والتحول الثقافي هو نمو ونضج ولكن بشرط ألا يتم بدوافع مصلحية و انتهازية .
إن التحولات الثقافية والتي تحدث سببا سلبيا هي إحدى مشكلات المثقف ، ولابد للكاتب المثقف أن يفهم جيدا الأشياء التي لم يفهمها والأخطاء الثقافية التي وقع فيها لكي تتضح له الرؤية الواضحة ، ولا يقع في حفر تمنعه من الإبصار للقضية .
ولعل اختلاط المثقف بالناس على شكل مسرف يمنعه كثيرا من التفكر في ما يطرحه للعامة والخاصة ويصبح كاتب يكرر المكرر ، ويقلد من تقلد بأحرفه وفكره عنان السماء .
أمر آخر :
وهو أن بعض الكتاب تراه شعلة من نار فتراه يسطر سطر ا في جريدة ، وينتقل إلى قناة ليتواصل مع برنامج معين إما باتصال أو استضافة ويدلي دلوه ، وتراه في مكان آخر وقد نشر كتابا ، وتراه في أخريات أخر وهو لا يزال يحمل هما في جنبيه لا ينطفئ ولا يتبدل بسياسات مختلفة .
ونرى في الجانب الآخر كاتبا آخر قد عرف صاحب النشر في الجريدة أو المجلة فخصص له عمودا أسبوعيا أو يوميا ، ويكتب ما يراه ، وينتهج ( يقولون ما لا يفعلون ) فشتان ما بين قلما وقلم .
abishri@hotmail.com